الجزء الأول :الفصل الثالث

From Baka-Tsuki
Revision as of 20:55, 17 August 2013 by 85.183.138.186 (talk)
Jump to navigation Jump to search


بسبب حادثة الأرانب المشهورة أصبح اسم اساهينا- سان معروفاً هو الآخر في أرجاء المدرسة . و بعد أن غابت يوماً واحداً عن المدرسة ، هاهي هنا في غرفة النادي تجلس بكل شجاعة.

حيث أن النادي لم يكن يقوم بنشاطات محددة ، قمت بإحضار لعبة عطيل معي- واللتي كنت قد دفنتها في زاوية مظلمة في البيت و أصبحت بعد ذلك نسياً منسيا- اليوم لنتسلى بها . بدأت العب جولة مع اساهينا- سان بينما نتبادل أطراف الحديث.

أنهيت العمل على موقع النادي ، إلا أنه كان عملياً بلا أي فائدة . لم يأتنا لا زوار ولا بريد إلكتروني. كانت وظيفة الحاسوب الوحيدة هنا هي تصفح النت. و أراهن أنه لو علم أعضاء نادي الحاسوب بذلك لماتوا كمداً.


بجانب ناغاتو يوكي اللتي كانت تقرأ كتابها كالمعتاد ، بدأت الجولة الثانية من اللعبة مع اساهينا- سان.

" سوزوميا- سان تأخرت اليوم أكثر من العادة ." قالت اساهينا- سان بصوت هادئ وعيناها لازالتا على لوحة اللعب.

بعد أن تأكدت أن اللذي جرى في البضعة أيام السابقة لم يترك آثاراً عميقة ، تنهدت تنهدة صغيرة في ارتياح. تحت أي ظرف كان ، أن يكون صبي مع فتاة جميلة أكبر منه بعام لهو غش لجميع الصبيان الآخرين.


" اليوم ينتقل طالب جديد إلى المدرسة . أراهن أنها ذهبت لتبحث عنه ."


"طالب جديد؟"


حركت اساهينا- سان رأسها إلى الجانب كطائر صغير.


" هاروهي كانت متحمسة جداً عندما سمعت أن طالباً منتقلاً سوف يأتي إلى صف 9-1 . الظاهر أنه حاز على اهتمامها الكامل !"


وضعت حجرة سوداء على لوحة اللعب ثم قلبت الأحجار البيضاء بجانبها .


" مممم...."

" بالمناسبة اساهينا- سان! لم أكن أتوقع أنك ستأتين هنا اليوم! "

".... لقد ترددت في القدوم لفترة لكنني شعرت بعد ذلك بالقلق و قررت أن آتي مرة أخرى ."

ألم تقولي لي شيئاً مثل هذا من قبل؟


"ماللذي أشعرك بالقلق؟"


تاك! أدارت إحدى الأحجار بأصابعها الصغيرة.

"احم.... لا شئ.."

عندما استدرت إلى الخلف ، لاحظت أن ناغاتو تحدق في لوحة اللعب . وجهها كان كالعادة مثل التمثال، لكن في عينيها كان هناك لمعة غريبة ، وراء تلك النظارة رأيت لمعة لم أرها على وجهها من قبل.


"..."


كانت هذه اللمعة مثل تلك اللتي تراها في عيني قطة حديثة الولادة عندما ترى كلباً لأول مرة . تابعت نظراتها إلى يدي الممسكة بالحجر.


"..ناغاتو- سان ، هل تريدين أن تشاركينا اللعب؟"


بعد أن قلت ذلك رمشت ناغاتو بطريقة آلية و قامت – و بطريقة لا يمكن أن يلاحظها المرء إن لم ينتبه بدقة شديدة – بالإشارة برأسها . قمت على إثر ذلك من مكاني و أجلستها عليه ، ثم جلست بجانب اساهينا- سان.


أخذت ناغاتو إحدى القطع و بدأت بتفحصها بدقة . عندما لاحظت أن القطع مزودة بمغناطيس لتثبيتها ، سحبت يدها بسرعة كأن شيئاً أشعرها بالخوف.


" ناغاتو- سان هل لعبت عطيل من قبل ؟ "

هزت رأسها ببطأ.


"هل تعرفين القواعد إذاً؟"

أتى الجواب بالنفي.

" أنت الاعب ذو القطع السوداء ، لذلك فهدفك هو أن تحاصري القطع البيضاء بقطعك السوداء . بعد ذلك تقلبين القطع المحاصرة لتصبح سوداء . الاعب اللذي يصبغ قطعاً أكثر بلونه في نهاية اللعبة هو الفائز."


هزت رأسها ، ثم وضعت الحجر على اللوح بطريقة أنيقة –ولو خرقاء بعض الشئ- و بدأت تقلب القطع المجاورة.

بعد أن تغير منافسها بدا على اساهينا- سان القلق بوضوح. بدأت ألاحظ أن اصابعها ترتجف ، و لم تكن تملك الشجاعة لترفع رأسها لتنظر إلى ناغاتو . كانت ترمي نظرات من وقت لآخر إليها إلا أنها كانت تبعد عينيها بسرعة بعد ذلك . هذه العملية أعادت نفسها عدة مرات . في النهاية كان واضحاً أن اساهينا- سان لا تستطيع أن تركز بطريقة سليمة ، ولذلك حصل الأسود على الطليعة في اللعبة.


لماذا ؟ اساهينا- سان تأخذ حذرها عندما يتعلق الأمر بناغاتو و ليس عندي أدنى فكرة عن سبب ذلك.


بعد فترة ليست بالطويلة ، استطاع الأسود حسم المباراة. و عندما بدأت الأثنتان في الأستعداد لمباراة أخرى ، دخلت سبب كل المصائب مرة أخرى و في يدها ضحية جديدة .


" أهلاً بالجميع! لقد تركتم تنتظرون! "


رحبت هاروهي بنا كالعادة بينما هي تمسك بطالب في يدها .


"هذا هو الطالب اللذي انتقل اليوم إلى الصف التاسع للسنة الأولى و اسمه..."

توقفت هاروهي فجأة و رمته بنظرة كأنها تقول " حان دورك! " . استدار الضحية ناحيتنا و ابتسم :

" ... كويزومي إتسكي ، تشرفت بمعرفتكم."

بهيئته الأنيقة كان يعطي انطباعاً يدل على حيويته . كانت ابتسامته ودية و عيناه لطيفتان ، بالإضافة إلى وجه وسيم. لو جرب مرة أن يكون عارضاً لإحدى الدعايات لحصل على كم كبير من المعجبات . ولو كان فعلاً شخصاً لطيفاً لزدن أكثر.

" هذه غرفة نادي لواء " س أو س " . أنا قائدة اللواء سوزوميا هاروهي و هؤلاء هم أتباعي ، برقم واحد ، اثنان و ثلاثة على التوالي . أنت التابع رقم أربعة بالمناسبة . لا تتشاجروا فيما بينكم!"


ماهذا التقديم؟ كل الأسماء اللتي ذكرتيها كان اسمك و اسمه!


" لا أجدها فكرة سيئة أن أنضم إليكم. "


" كويزومي ، الطالب المنتقل ابتسم بلطف .


"و لكن ماهذا النادي بالضبط ؟ "


حتى لو جلس مئة شخص مع بعضهم أمامنا هنا ، لكان لديهم جميعاً نفس هذا السؤال . سألني عدد من الناس هذا السؤال من قبل إلا أني لم أستطع أبداً الإجابة بطريقة مرضية. لو وجد أحدهم السؤال لهذا الجواب لأعلنته الخبيث الأعظم ! إلا أن هاروهي لم تلقي لذلك بالاً. ابتسمت بسعادة و قالت :


" إذاً دعني أخبرك بمهمة لواء "س أو س"،استمع إلي جيداً...!"


تنفست هاروهي ببطأ ثم ألقت الحقيقة الصادمة على مسامعنا :

" سبب وجود لواء "س أو س" هو البحث عن الفضائيين ، المسافرين عبر الزمن و ذوي القدرات الخارقة و من ثم القيام بشئ ضخم معهم! "


في تلك اللحظة جمد العالم بأكمله.


...لا . هذا تصريح سخيف . الشئ الوحيد اللذي تبادر إلى ذهني كان " ومالمفاجئ؟ " لكنه لم يبد أن الآخرين كان لديهم نفس الأنطباع .


اساهينا- سان كانت مصدومة تماماً ، فتحت عينيها و اذنيها عن آخرهما و بدأت تحدق في هاروهي بانتباه تام. كان رد فعل ناغاتو يوكي مماثلاً ، حيث أنها و بعد أن استدارت لتواجه هاروهي ، توقفت فجأة كأن بطاريتها انتهت تماماً. اللذي فاجأني كان أن عيناها توسعتا بعض الشئ إثر سماع ما قالته هاروهي . بالنسبة لشخص لا تظهر عليه أي آثار للمشاعر كان ذلك بلا شك رد فعلٍ مفاجئاً.

كويزومي على الجانب الآخر كان يظهر ابتسامة غامضة . لست أظن أنه ممكن أن أجزم بمعنى تلك الابتسامة، إلا أنه عاد إلى رشده بعد لحظة و قال :

" آه ، لقد فهمت الوضع."

كأن أمراً ما أصبح واضحاً بالنسبة له ، نظر إلى اساهينا- سان و ناغاتو للحظة و هز رأسه بعد ذلك في رضا.

" كما هو متوقع من سوزوميا- سان ."

بعد هذا التعليق المتعدد الوجوه اكمل قائلاً :

" ليس هناك من مشكلة ، سوف أنضم إلى النادي . أتوق بشدة للعمل معكم جميعاً ."

هيي! هل قبلت فعلاً بالتوضيح اللذي أعطتنا إياه؟ هل أصغيت من الأساس؟؟

عندما لاحظ نظراتي الغاضبة الشاكة إليه ، أتى إلي فجأة و مد يده باتجاهي. " أهلاً ، أنا أدعى كويزومي . ليس لدي شك في أنني يمكنني أن أتعلم الكثير منك ، سعدت بمعرفتك." صافحت يد كويزومي اللبقة.

" شكراً ، أنا.."

" هذا هو كيون!"

قدمتني هاروهي بالطريقة اللتي تحلوا لها ثم أشارت إلى الفتاتين الأخريين قائلة: هذه الجميلة هنا هي ميكورو- شان و هذه ذي الأربع عيون هي يوكي- سان . طاخ!

كان ذلك صوت اساهينا- سان وهي تحاول القيام من مقعدها بعد أن صدمت جبينها بلعبة عطيل الموضوعة على الطاولة.

" هل أنت بخير؟"

إثر سماعها صوت كويزومي هزت اساهينا- سان رأسها بقوة و نظرت إليه بعينين متلألئتين. همف ، ياله من منظر مزعج.

" أنا....أنا بخير.." قالت اساهينا- سان بهدوء و هي تنظر إلى كويزومي بخجل.

"رائع! الآن لدينا خمسة أعضاء ، لا يمكن للمدرسة أن تتحدانا بعد اليوم!"

ماللذي تخططينه لهذا النادي يا أمرأة؟

قبل أن ألاحظ ذلك ، كانت ناغاتو قد عادت إلى الجلوس إلى كرسيها وقراءة كتابها.ناغاتو- سان... هاروهي قد أعلنت أنكي مشمولة بين أعضاء النادي ، أليس لديك أي مشكلة مع ذلك؟

بعد أن أعلنت هاروهي نيتها إرشاد كويزومي في جولة حول المدرسة ، و اعتذرت اساهينا- سان بقولها أنها بحاجة للعودة إلى المنزل . بقيت أنا و ناغاتو فقط في غرفة النادي.

لم أكن في مزاج لألعب مرة أخرى و لم تكن مشاهدة ناغاتو وهي تقرأ ممتعة، و لذلك فقد قررت أنا الآخر الذهاب إلى المنزل . أخذت حقيبتي إثر ذلك وودعت ناغاتو.

" أراك لاحقاً !"

" هل قرأت الكتاب؟"

بعد أن سمعت صوتها يناديني استدرت تجاهها ، و لاحظت إثر ذلك عينيها الشبه خاليتين من أي تعابير تنظران إلي.

أي كتاب؟ آه ، هل تقصدين ذلك الكتاب السميك اللذي اعرتيني إياه؟

" نعم ."

" لم أقرأه بعد .... ربما يجب أن أعيده لك؟"

" ليس ذلك ضرورياً."

لن ترى كلمات ضائعة تخرج من فم ناغاتو ، دائماً توصل ما تريده في جملة واحدة.

" حاول أن تبدأ في قراءته اليوم."

قالت ناغاتو ببرود.

" مباشرة بعد أن تعود إلى المنزل ."

كان في صوتها نبرة آمرة بعض الشئ.

بجانب تلك اللتي يطلب منا أن نقرأها لصف الأدبيات ، كنت في الواقع نادراً ما أقرأ الروايت . و لكن هذه رواية حصلت على إشادة ناغاتو ، بالحري بها أن تكون مثيرة للأهتمام.

" لك ذلك !"

بعد أن تلقت جوابي ، عادت ناغاتو مرة أخرى لقراءة كتابها مثلما كانت.


كنت أضغط على الدواسة بكل ما أوتيت من قوة و ذلك على الرغم من الظلام المخيم على الشارع . كنت أريد العودة إلى المنزل بأسرع ما يمكن.

كان ذلك بعد ما ودعت ناغاتو في المدرسة . عدت بعدها إلى المنزل و أدخلت لقيمات من طعام العشاء في فمي على عجل ، ثم صعدت إلى غرفتي لأبدأ في قراءة الرواية.

لحظات قليلة مرت و أنا أقرأ الرواية ، و ما لبثت إلا أن بدأت أحس بالدوار. قررت أن أتصفح الكتاب على عجل لأستطلع إن كنت سأستطيع أن أنهيه فعلاً ، إثر ذلك سقطت علامة من داخل الكتاب على الطاولة ، يبدوا أن ناغاتو كانت تستعملها لتحديد الصفحة اللتي توقفت عندها.

كانت علامة غريبة ، مزخرفة بأشكال الورود . و عندما قلبت هذه العلامة لاحظت على خلفها التالي:

"الليلة الساعة السابعة ، في الحديقة بجانب محطة كيوين . سوف انتظرك هناك."

كان الخط من النظافة بمكان أنك تحسبه مكتوباً بواسطة برنامج خاص لذلك . هذه التعابير الخالية من اللون لابد أن تكون لناغاتو ، لكن لدي شكوكي.

هذا الكتاب كان أعارتني إياه ناغاتو أمس ، إذاً هل المقصود "بالساعة السابعة" السابعة مساء أمس أم اليوم؟ هل من المعقول أنها ظنت أنني سأجد هذه العلامة في النهاية و سوف تنتظرني كل يوم في السابعة؟ ربما كان هذا السبب اللذي جعلها تصر على أن أقرأ هذه الرواية اليوم ؟ لكي أجد هذه العلامة ؟ و لكن حتى ولو كان ذلك صحيحاً ، لمَ لمْ تخبرني ذلك بنفسها؟ أضف إلى ذلك أنه ليس لدي أدنى فكرة عن السبب اللذي يجعلها تريد مقابلتي هناك.


نظرت إلى ساعتي، كانت تشير إلى السابعة إلا ربعاً. و بالرغم من كون المحطة المحددة تبعد فقط محطة واحدة عن تلك القريبة من منزلي ، إلا أن الأمر سيتطلب مني 20 دقيقة للوصول إلى الحديقة .

فكرت في الأمر ما يقارب العشر ثوان.

أدخلت علامة الكتاب في جيب سروالي قبل أن أركض مثل أرنب رشيق على الدرج . كانت أختي تقف بجانب باب المنزل حاملة كوزاً من البوظة في يدها و سألت : " كيون- كون إلى أين أنت ذاهب؟" . فكان الجواب : " إلى المحطة . " ، قفزت بعد ذلك على دراجتي الموقوفة قريباً من المدخل و هرعت إلى المكان المذكور.

سأكون في موقف ساخر للغاية إن لم تكن ناغاتو هناك..


لكن يبدوا أني لن أحصل على حصتي من السخرية اليوم.

كوني سائق دراجة حذراً ، فقد تطلب مني الأمر حتى السابعة و عشر دقائق للوصول إلى الحديقة . هذه الحديقة بعيدة بعض الشئ عن الشارع العام ، و لذلك فإنه لا يوجد الكثير من الناس في هذه الساعة .

أوقفت دراجتي على وقع ضجيج السيارات و القطارات ثم دخلت إلى الحديقة . هناك استطعت تمييز هيئة ناغاتو المبهمة تحت أضواء الحديقة و هي تجلس على مقعد طويل.


هي فعلاً من النوعية اللتي لا يسهل على المرء ملاحظة وجودها من غيابها . كانت تجلس بهدوء تام ، أكاد أقسم أنه لو رآها أحد لا يعرفها لظن أنها شبح يسكن الحديقة!

وقفت ناغاتو مثل دمية من على المقعد . كانت لاتزال تلبس ردائها المدرسي.

"هل أنت سعيدة أني أتيت أخيراً؟"

هزت رأسها بالإيجاب.

" هل انتظرت هنا بالأمس ايضاً؟"

كان الرد مماثلاً.

" هل هو موضوع لا تستطيعين طرحه في المدرسة ؟"

هزت ناغاتو رأسها مرة أخرى ثم مشت في اتجاهي.

" من هنا."

بعد أن قالت هاتين الكلمتين ، استدارت ناغاتو وبدأت في المشي إلى الأمام . كانت طريقتها في المشي أشبه بالنينجا ، لا تسمع لخطواتها صوتاً . لم استطع أن الحقها بسهولة حيث كانت خطواتها و هيئتها تمتزجان بالليل المخيم.

بعد بضع دقائق من المشي و النظر إلى شعرها المتحرك مع الريح وصلنا إلى عمارة قريبة بعض الشئ من المحطة .

" لقد وصلنا."


أخرجت ناغاتو بطاقتها الألكترونية و ضغطتها على الكاشف بجانب المدخل .انفتح الباب الزجاجي أمامنا إثر ذلك . أوقفت دراجتي بعد ذلك على المدخل و مشيت إلى ناغاتو اللتي كانت قد وصلت إلى المصعد. بينما كنا واقفين في المصعد خيل لي أن ناغاتو كانت مستغرقة في التفكير ، إلا أنها بغض النظر بقت تحدق في لوحة الأزرار و لم تقل شيئاً. وصلنا في النهاية إلى الطابق السابع من المبنى.

" عذراً ، إلى أين نحن ذاهبون بالضبط؟"

كان لابد أن اسأل ذلك قبل الآن . أجابتني ناغاتو وهي تمشي خلال الرواق:

" إلى الشقة اللتي أسكن فيها."

تجمدت في مكاني . لحظة ، لماذا أخذتني ناغاتو إلى شقتها؟

"لا داعي للقلق ، ليس هناك أحد فيها ."

ماللذي تقوله هذه الفتاة؟!

" من هنا"

هل أنت جادة..؟

حاولت أن أظل هادئاً و دخلت بتردد إلى الشقة ، و بينما كنت أخلع حذائي ، أغلقت ناغاتو الباب.

شعرت كأني حللت ضيفاً في سفينة قراصنة ، و استدرت على وقع ينذر بالشؤم. كان ذلك صوت الباب وهو يقفل.

" فلتدخل إلى الداخل."

قالت ناغاتو ذلك ببرود تام و خلعت حذاءها هي الأخرى . كان الشقة على غير المتوقع مضيئة تماماً . لو كانت مظلمة لاستطعت أن أهرب على الفور ، تباً! الإضائة جعلت الشقة الكبيرة أصلا تبدوا أكبر . كان بها ثلاث غرف ، صالة ، و غرفة طعام بها مطبخ . كان من الواضح أنها شقة فخمة ، كونها متموضعة بجانب المحطة لم يقلل من سعرها ايضاً.


و لكن لمَ يبدوا المكان و كأنه لا أحد يعيش هنا؟

في هذه الصالة الكبيرة لم يكن هناك سوى الطاولة و الغطاء اللذي عليها ، لم يكن هناك حتى ستائر على النوافذ ولا سجادة على الأرضية اللتي كانت بحجم عشرة[1] تاتامي.

" أجلس هنا ." قالت ناغاتو ، قبل أن تدخل إلى المطبخ . أذعنت لها و جثوت لأجلس .

و بينما كان رأسي مصدّعاً بالتفكير في السبب اللذي قد يدفع فتاة في الثانوية أن تأتي بصبي بينما والداها غائبان ، عادت ناغاتو إلى الصالة حاملة صينية بها إبريق للشاي و أكواب بطريقة روبوتية ، ووضعتهم أمامي.


صمت مشوب بالتوتر خيم على المكان.

بدلاً من أن تعرض علي الشاي ، قامت ناغاتو في التحديق في بوجهها الخالي من التعابير . كنت متوتراً أصلا من الوضع كله و زاد ذلك الطين بلة.

"احم.... لا أرى والديك ، هل هما هنا؟"

" لا أحد هنا غيرنا ."

"معك حق ذلك واضح... اذاً هل ذهبا إلى مكان ما ؟"

" لم يكن هناك معي أحد منذ أن أتيت هنا ."

هذه أطول جملة خرجت من فمها حتى الآن.

" أنت تعيشين لوحدك هنا؟"

"نعم."

واو، فتاة في أول سنة في الثانوية تعيش وحدها في شقة فخمة ، هل تظن أنه أمر عادي؟ و بالرغم من ذلك ، أحسست بالأرتياح لأني لن أقابل أبويها . لحظة،هذا ليس الوقت للشعور بالراحة إطلاقاً!

" بالمناسبة ، لماذا اردتي لقاءي بالضبط؟"

أحسست كأني زرافة في حديقة وهي تحدق في .

كأنها تذكرت المسألة للتو ، قامت ناغاتو بصب الشاي في أحد الكؤوس و دفعته تجاهي.

"اشرب."

بدأت في الشرب مجبراً تحت نظرات ناغاتو الفاحصة . أحسست كأني زرافة في حديقة و لم أستطع فعلاً أن أركز في الشرب.

" هل أعجبك؟"

"هل أعجبني؟"

كانت هذه أول مرة توجه إلى هذه الفتاة سؤالاً.

" نعم..."

بعد أن انتهيت وضعت الكأس على الطاولة و قامت ناغاتو مباشرة بإعادة ملأه كاملاً . لم أرد أن ارفضها فشربت الكأس مرة أخرى . أتى بعده للأسف كأس آخر و اللذي اضطررت أن اشربه ايضاً. في النهاية لم يبق شئ في الإبريق . قامت ناغاتو من مكانها لتعدّه مرة أخرى و قمت بإيقافها مباشرة .

" لست بحاجة أن تحضري إبريقاً آخر ، شكراً... هل تستطيعين إخباري بدلاً من ذلك عن السبب اللذي جعلك تحضريني معك هنا؟"


توقفت ناغاتو في مكانها ، ثم تراجعت كأنها في فيلم يعاد إلى الوراء. ولازالت صامتة تماماً.

أخيرا تحركت شفتا ناغاتو الرقيقتان.

" الأمر يتعلق بسوزوميا هاروهي."

جلست ناغاتو برقي مرة أخرى.

" و أيضاً بي أنا كذلك."

توقفت عن ناغاتو عن الكلام لفترة.

لكني للأسف لا أفهم هذه الشفرات اللتي تتكلمين بها..

" ماهو الأمر المتعلق بك و بسوزوميا ؟"

في تلك اللحظة بدى على ناغاتو بعض الأنزعاج . كانت تلك أول مرة يتبادر إلى وجه هذه الفتاة تعبير كهذا منذ أن قابلتها أول مرة. لكن هذا التغيير كان خفيفاً جداً ، لا يمكن للمرء أن يستشعره من الأساس إن لم يدقق جيداً.

" لا أستطيع أن أصف الأمر كلامياً بدقة ، و قد تحصل بعض الأخطاء في نقل المعلومات ، و لكن أرجو منك أن تستمع إلي ."

" أنا و سوزوميا هاروهي لسنا بشراً عاديين."


عبارة متعددة الوجوه عند إشارة الإنطلاق مباشرة.

" ماذا أقول؟ لقد لاحظت ذلك بدرجة أو بأخرى منذ البداية.."

" لم أقصد ذلك."

أكملت ناغاتو و هي ترسل نظرة إلى يديها الواقعتين فوق حضنها.

" لم أقصد ذلك في سياق التصرفات الخارجة عن العادة بل قصدته حرفياً. أنا و هي لسنا بشراً عاديين مثلك ."


لست أفهم ماللذي تريد أن تقوله .

" كيان المعلومات المتكاملة الواعي اللذي يشرف على المجرة قام بولادة كائن على نموذج الأنسان ليندمج مع الوحدات البيولوجية في هذا الكوكب . ذلك الكائن هو أنا ."

"..."

" مهمتي هي مراقبة سوزوميا هاروهي و إرسال المعلومات حولها إلى كيان المعلومات المتكاملة الواعي ."

"..."

" أنا أقوم بهذه المهمة منذ أن ولدت قبل ثلاث سنين . في خلال تلك الثلاث سنين لم يتم ملاحظة أي أمور خارجة عن العادة ، و كانت فترة مستقرة بالعموم . و لكن و منذ مدة قريبة ، ظهر عامل خارجي مؤثر على سوزوميا هاروهي وهو عامل لا يمكن تجاهله."

"..."

" هذا العامل هو أنت."

ماهو كيان المعلومات المتكاملة الواعي هذا؟

في بحيرة مقفرة تسمى الكون كان هناك كيانات معلوماتية ذات تحمل وعياً و لكن بلا جسم فيزيائي.

كانت بداية هذه الكيانات كمعلومات صرفة لا غير. و ثم بدأت هذه الكيانات في زيادة معلوماتها و تطور لديها في النهاية وعي و تطورت في النهاية أكثر بالجمع المستمر للمعلومات.

ولأن وجودها يقتصر على المعلومات فقط و ليس لديها أجسام ، فلم يكن هناك امكانية لرصدها أو التعرف عليها حتى بأحدث الأجهزة البصرية.

كون أعمارها بعمر المجرة ذاتها ، فإنها كانت تتوسع بتوسعه . كان بنك معلوماتها النسبي يزداد في الحجم و الدقة بالتدريج.

منذ نشأة هذه الكوكب ، عفواً بل منذ نشأة هذه المجرة لم يكن هناك ما يخفى في الكون عليهم . بالنسبة لهم فإن هذا الكوكب الدائر في مجرة درب التبانة ليس بالشئ الجديد ، فقد وعت هذه الكائنات العديد من الكواكب الحاملة للحياة الذكية ، بل إنها كثيرة لدرجة أنها تعصى على العد.

و لكن و منذ نجاح عملية تطور الكائنات ذات القدمين ، فقد حصلت بعض الكائنات فيه على قدرات العقلية تمكنها من البحث الواعي و المستمر عن المعرفة ، و كنتيجة فإن أهمية هذه الكائنات العضوية في هذا الكوكب بدأت في الإزدياد.

"كنا نعتقد و لفترة طويلة ، أن الكائنات الحياة ذات القدرات المحدودة على جمع و توصيل المعلومات لا تستطيع أن تحصل على المعرفة من الأساس." قالت ناغاتو بنبرة جادة.

" كيان المعلومات المتكاملة الواعي لديه اهتمام شديد بكل الكائنات الحية العضوية على هذا الكوكب . هي تعتقد بأن الملاحظة المستمرة لهذه الكائنات من الممكن أن تقدم دليلاً على الكيفية اللتي يمكن لها أن تخرج من قيود تطورها."

على عكس الكيانات المعلوماتية اللتي بدأت في شكل كامل ، فإن البشر بدأو ككائنات عضوية ناقصة ، و اللتي تطورت بسرعة شديدة بحيث قاموا بتوسيع و استعمال دائرة معلوماتهم باستمرار لتطوير أنفسهم أكثر .

إن تطور الوعي بالنسبة للكائنات العضوية في مرحلة ما هو أمر طبيعي و لكن لا يوجد كائنات تطورت إلى مرحلة أرقى من الوعي سوى البشر . كيان المعلومات المتكاملة الواعي أعجب كثيراً بذلك ، و قرر أن يراقب هؤلاء البشر.


"قبل ثلاث سنين من الآن ، لاحظنا مصدراً ضخماً و غير عادي للمعلومات ، كان حجمه لا يقارن بالنسبة للبشر على هذا الكوكب . هذه الكميات من المعلومات خرجت من منطقة معينة في أرخبيل من الجزر ، انتشرت بعد ذلك حوالي الكوكب كله و ثم إلى الفضاء . و في المركز من كل هذا تقع سوزوميا هاروهي."

" لا نعلم كيف حصل ذلك أو الآثار اللتي ستترتب عليه . حتى كيان المعلومات المتكاملة الواعي لم يكن قادراً على تحليل أحدث المعلومات عنه تحليلاً كاملاً."

" الأهم من ذلك هو أن حدود القدرة البشرية تتوقف عند تحليل كميات معينة من المعلومات ، أما سوزوميا هاروهي فقد استطاعت أن تجعل من نفسها مركزاً تصدر منه المعلومات."

" سوزوميا هاروهي لازالت مستمرة في إطلاق كميات هائلة من المعلومات في تفاوت زمني عشوائي تماماً . علاوة على ذلك فإن سوزوميا هاروهي نفسها ليست واعية بهذا الأمر."

"طوال ثلاث سنوات حاولت أن أدرس و أراقب الشخصية المسماة سوزوميا هاروهي بكل الطرق المتصورة و المتوفرة في حوزتي ، ومن كل منظور أستطيع الرؤية منه ، و لم أستطع أن أحدد طبيعتها الفعلية .بالمقابل فإن بعض أجزاء كيان المعلومات المتكاملة الواعي ترى بأن هاروهي هي مفتاح حل لغز تطور الكيانات المعلوماتية و طبقاً لذلك بدأو في تحليلها.."

" و لأن هذه الكيانات ليس لديها أجسام ولا القدرة على الكلام فإنها لم تستطع التواصل و الإندماج مع الكائنات العضوية .و لكن بدون لغة فإن التواصل مع البشر مستحيل ، و لذلك فقد تمت ولادتي لكي أكون نقطة الوصل بين هذه الكيانات و البشر."

في النهاية رفعت ناغاتو كوبها و احتست قليلاً من الشاي ، لابد أنه بالنسبة لها تلك كانت مؤونة سنة كاملة من الكلمات .

"..."

و لكني لست أدري بم أجيب.

" قد تكون سوزوميا هاروهي هي المفتاح للتطور الناجم عن الذات ، بل قد تكون لديها القدرة أن تتحكم في جميع المعلومات حولها كيفما تشاء . لذلك أنا هنا ، و لذلك أنت هنا."

وصلت إلى درجة من الأرتباك دفعتني مضطراً أن اقاطعها:

" بصراحة.... لست أفهم كلمة واحدة مما تقولينه."

" صدقني."

كانت نظرات ناغاتو صادرة إلي من وجه جاد بدرجة لم أرها من قبل.





























الفصل الثاني الصفحة الرئيسية