الجزء الأول :الفصل الثالث

From Baka-Tsuki
Revision as of 03:12, 18 September 2013 by Ahmsab (talk | contribs)
Jump to navigation Jump to search


بسبب حادثة الأرانب المشهورة أصبح اسم اساهينا- سان معروفاً هو الآخر في أرجاء المدرسة . و بعد أن غابت يوماً واحداً عن المدرسة ، هاهي هنا في غرفة النادي تجلس بكل شجاعة.

حيث أن النادي لم يكن يقوم بنشاطات محددة ، قمت بإحضار لعبة عطيل معي- واللتي كنت قد دفنتها في زاوية مظلمة في البيت و أصبحت بعد ذلك نسياً منسيا- اليوم لنتسلى بها . بدأت العب جولة مع اساهينا- سان بينما نتبادل أطراف الحديث.

أنهيت العمل على موقع النادي ، إلا أنه كان عملياً بلا أي فائدة . لم يأتنا لا زوار ولا بريد إلكتروني. كانت وظيفة الحاسوب الوحيدة هنا هي تصفح النت. و أراهن أنه لو علم أعضاء نادي الحاسوب بذلك لماتوا كمداً.


بجانب ناغاتو يوكي اللتي كانت تقرأ كتابها كالمعتاد ، بدأت الجولة الثانية من اللعبة مع اساهينا- سان.

" سوزوميا- سان تأخرت اليوم أكثر من العادة ." قالت اساهينا- سان بصوت هادئ وعيناها لازالتا على لوحة اللعب.

بعد أن تأكدت أن اللذي جرى في البضعة أيام السابقة لم يترك آثاراً عميقة ، تنهدت تنهدة صغيرة في ارتياح. تحت أي ظرف كان ، أن يكون صبي مع فتاة جميلة أكبر منه بعام لهو غش لجميع الصبيان الآخرين.


" اليوم ينتقل طالب جديد إلى المدرسة . أراهن أنها ذهبت لتبحث عنه ."


"طالب جديد؟"


حركت اساهينا- سان رأسها إلى الجانب كطائر صغير.


" هاروهي كانت متحمسة جداً عندما سمعت أن طالباً منتقلاً سوف يأتي إلى صف 9-1 . الظاهر أنه حاز على اهتمامها الكامل !"


وضعت حجرة سوداء على لوحة اللعب ثم قلبت الأحجار البيضاء بجانبها .


" مممم...."

" بالمناسبة اساهينا- سان! لم أكن أتوقع أنك ستأتين هنا اليوم! "

".... لقد ترددت في القدوم لفترة لكنني شعرت بعد ذلك بالقلق و قررت أن آتي مرة أخرى ."

ألم تقولي لي شيئاً مثل هذا من قبل؟


"ماللذي أشعرك بالقلق؟"


تاك! أدارت إحدى الأحجار بأصابعها الصغيرة.

"احم.... لا شئ.."

عندما استدرت إلى الخلف ، لاحظت أن ناغاتو تحدق في لوحة اللعب . وجهها كان كالعادة مثل التمثال، لكن في عينيها كان هناك لمعة غريبة ، وراء تلك النظارة رأيت لمعة لم أرها على وجهها من قبل.


"..."


كانت هذه اللمعة مثل تلك اللتي تراها في عيني قطة حديثة الولادة عندما ترى كلباً لأول مرة . تابعت نظراتها إلى يدي الممسكة بالحجر.


"..ناغاتو- سان ، هل تريدين أن تشاركينا اللعب؟"


بعد أن قلت ذلك رمشت ناغاتو بطريقة آلية و قامت – و بطريقة لا يمكن أن يلاحظها المرء إن لم ينتبه بدقة شديدة – بالإشارة برأسها . قمت على إثر ذلك من مكاني و أجلستها عليه ، ثم جلست بجانب اساهينا- سان.


أخذت ناغاتو إحدى القطع و بدأت بتفحصها بدقة . عندما لاحظت أن القطع مزودة بمغناطيس لتثبيتها ، سحبت يدها بسرعة كأن شيئاً أشعرها بالخوف.


" ناغاتو- سان هل لعبت عطيل من قبل ؟ "

هزت رأسها ببطأ.


"هل تعرفين القواعد إذاً؟"

أتى الجواب بالنفي.

" أنت الاعب ذو القطع السوداء ، لذلك فهدفك هو أن تحاصري القطع البيضاء بقطعك السوداء . بعد ذلك تقلبين القطع المحاصرة لتصبح سوداء . الاعب اللذي يصبغ قطعاً أكثر بلونه في نهاية اللعبة هو الفائز."


هزت رأسها ، ثم وضعت الحجر على اللوح بطريقة أنيقة –ولو خرقاء بعض الشئ- و بدأت تقلب القطع المجاورة.

بعد أن تغير منافسها بدا على اساهينا- سان القلق بوضوح. بدأت ألاحظ أن اصابعها ترتجف ، و لم تكن تملك الشجاعة لترفع رأسها لتنظر إلى ناغاتو . كانت ترمي نظرات من وقت لآخر إليها إلا أنها كانت تبعد عينيها بسرعة بعد ذلك . هذه العملية أعادت نفسها عدة مرات . في النهاية كان واضحاً أن اساهينا- سان لا تستطيع أن تركز بطريقة سليمة ، ولذلك حصل الأسود على الطليعة في اللعبة.


لماذا ؟ اساهينا- سان تأخذ حذرها عندما يتعلق الأمر بناغاتو و ليس عندي أدنى فكرة عن سبب ذلك.


بعد فترة ليست بالطويلة ، استطاع الأسود حسم المباراة. و عندما بدأت الأثنتان في الأستعداد لمباراة أخرى ، دخلت سبب كل المصائب مرة أخرى و في يدها ضحية جديدة .


" أهلاً بالجميع! لقد تركتم تنتظرون! "


رحبت هاروهي بنا كالعادة بينما هي تمسك بطالب في يدها .


"هذا هو الطالب اللذي انتقل اليوم إلى الصف التاسع للسنة الأولى و اسمه..."

توقفت هاروهي فجأة و رمته بنظرة كأنها تقول " حان دورك! " . استدار الضحية ناحيتنا و ابتسم :

" ... كويزومي إتسكي ، تشرفت بمعرفتكم."

بهيئته الأنيقة كان يعطي انطباعاً يدل على حيويته . كانت ابتسامته ودية و عيناه لطيفتان ، بالإضافة إلى وجه وسيم. لو جرب مرة أن يكون عارضاً لإحدى الدعايات لحصل على كم كبير من المعجبات . ولو كان فعلاً شخصاً لطيفاً لزدن أكثر.

" هذه غرفة نادي لواء " س أو س " . أنا قائدة اللواء سوزوميا هاروهي و هؤلاء هم أتباعي ، برقم واحد ، اثنان و ثلاثة على التوالي . أنت التابع رقم أربعة بالمناسبة . لا تتشاجروا فيما بينكم!"


ماهذا التقديم؟ كل الأسماء اللتي ذكرتيها كان اسمك و اسمه!


" لا أجدها فكرة سيئة أن أنضم إليكم. "


" كويزومي ، الطالب المنتقل ابتسم بلطف .


"و لكن ماهذا النادي بالضبط ؟ "


حتى لو جلس مئة شخص مع بعضهم أمامنا هنا ، لكان لديهم جميعاً نفس هذا السؤال . سألني عدد من الناس هذا السؤال من قبل إلا أني لم أستطع أبداً الإجابة بطريقة مرضية. لو وجد أحدهم السؤال لهذا الجواب لأعلنته الخبيث الأعظم ! إلا أن هاروهي لم تلقي لذلك بالاً. ابتسمت بسعادة و قالت :


" إذاً دعني أخبرك بمهمة لواء "س أو س"،استمع إلي جيداً...!"


تنفست هاروهي ببطأ ثم ألقت الحقيقة الصادمة على مسامعنا :

" سبب وجود لواء "س أو س" هو البحث عن الفضائيين ، المسافرين عبر الزمن و ذوي القدرات الخارقة و من ثم القيام بشئ ضخم معهم! "


في تلك اللحظة جمد العالم بأكمله.


...لا . هذا تصريح سخيف . الشئ الوحيد اللذي تبادر إلى ذهني كان " ومالمفاجئ؟ " لكنه لم يبد أن الآخرين كان لديهم نفس الأنطباع .


اساهينا- سان كانت مصدومة تماماً ، فتحت عينيها و اذنيها عن آخرهما و بدأت تحدق في هاروهي بانتباه تام. كان رد فعل ناغاتو يوكي مماثلاً ، حيث أنها و بعد أن استدارت لتواجه هاروهي ، توقفت فجأة كأن بطاريتها انتهت تماماً. اللذي فاجأني كان أن عيناها توسعتا بعض الشئ إثر سماع ما قالته هاروهي . بالنسبة لشخص لا تظهر عليه أي آثار للمشاعر كان ذلك بلا شك رد فعلٍ مفاجئاً.

كويزومي على الجانب الآخر كان يظهر ابتسامة غامضة . لست أظن أنه ممكن أن أجزم بمعنى تلك الابتسامة، إلا أنه عاد إلى رشده بعد لحظة و قال :

" آه ، لقد فهمت الوضع."

كأن أمراً ما أصبح واضحاً بالنسبة له ، نظر إلى اساهينا- سان و ناغاتو للحظة و هز رأسه بعد ذلك في رضا.

" كما هو متوقع من سوزوميا- سان ."

بعد هذا التعليق المتعدد الوجوه اكمل قائلاً :

" ليس هناك من مشكلة ، سوف أنضم إلى النادي . أتوق بشدة للعمل معكم جميعاً ."

هيي! هل قبلت فعلاً بالتوضيح اللذي أعطتنا إياه؟ هل أصغيت من الأساس؟؟

عندما لاحظ نظراتي الغاضبة الشاكة إليه ، أتى إلي فجأة و مد يده باتجاهي. " أهلاً ، أنا أدعى كويزومي . ليس لدي شك في أنني يمكنني أن أتعلم الكثير منك ، سعدت بمعرفتك." صافحت يد كويزومي اللبقة.

" شكراً ، أنا.."

" هذا هو كيون!"

قدمتني هاروهي بالطريقة اللتي تحلوا لها ثم أشارت إلى الفتاتين الأخريين قائلة: هذه الجميلة هنا هي ميكورو- شان و هذه ذي الأربع عيون هي يوكي- سان . طاخ!

كان ذلك صوت اساهينا- سان وهي تحاول القيام من مقعدها بعد أن صدمت جبينها بلعبة عطيل الموضوعة على الطاولة.

" هل أنت بخير؟"

إثر سماعها صوت كويزومي هزت اساهينا- سان رأسها بقوة و نظرت إليه بعينين متلألئتين. همف ، ياله من منظر مزعج.

" أنا....أنا بخير.." قالت اساهينا- سان بهدوء و هي تنظر إلى كويزومي بخجل.

"رائع! الآن لدينا خمسة أعضاء ، لا يمكن للمدرسة أن تتحدانا بعد اليوم!"

ماللذي تخططينه لهذا النادي يا أمرأة؟

قبل أن ألاحظ ذلك ، كانت ناغاتو قد عادت إلى الجلوس إلى كرسيها وقراءة كتابها.ناغاتو- سان... هاروهي قد أعلنت أنكي مشمولة بين أعضاء النادي ، أليس لديك أي مشكلة مع ذلك؟

بعد أن أعلنت هاروهي نيتها إرشاد كويزومي في جولة حول المدرسة ، و اعتذرت اساهينا- سان بقولها أنها بحاجة للعودة إلى المنزل . بقيت أنا و ناغاتو فقط في غرفة النادي.

لم أكن في مزاج لألعب مرة أخرى و لم تكن مشاهدة ناغاتو وهي تقرأ ممتعة، و لذلك فقد قررت أنا الآخر الذهاب إلى المنزل . أخذت حقيبتي إثر ذلك وودعت ناغاتو.

" أراك لاحقاً !"

" هل قرأت الكتاب؟"

بعد أن سمعت صوتها يناديني استدرت تجاهها ، و لاحظت إثر ذلك عينيها الشبه خاليتين من أي تعابير تنظران إلي.

أي كتاب؟ آه ، هل تقصدين ذلك الكتاب السميك اللذي اعرتيني إياه؟

" نعم ."

" لم أقرأه بعد .... ربما يجب أن أعيده لك؟"

" ليس ذلك ضرورياً."

لن ترى كلمات ضائعة تخرج من فم ناغاتو ، دائماً توصل ما تريده في جملة واحدة.

" حاول أن تبدأ في قراءته اليوم."

قالت ناغاتو ببرود.

" مباشرة بعد أن تعود إلى المنزل ."

كان في صوتها نبرة آمرة بعض الشئ.

بجانب تلك اللتي يطلب منا أن نقرأها لصف الأدبيات ، كنت في الواقع نادراً ما أقرأ الروايت . و لكن هذه رواية حصلت على إشادة ناغاتو ، بالحري بها أن تكون مثيرة للأهتمام.

" لك ذلك !"

بعد أن تلقت جوابي ، عادت ناغاتو مرة أخرى لقراءة كتابها مثلما كانت.


كنت أضغط على الدواسة بكل ما أوتيت من قوة و ذلك على الرغم من الظلام المخيم على الشارع . كنت أريد العودة إلى المنزل بأسرع ما يمكن.

كان ذلك بعد ما ودعت ناغاتو في المدرسة . عدت بعدها إلى المنزل و أدخلت لقيمات من طعام العشاء في فمي على عجل ، ثم صعدت إلى غرفتي لأبدأ في قراءة الرواية.

لحظات قليلة مرت و أنا أقرأ الرواية ، و ما لبثت إلا أن بدأت أحس بالدوار. قررت أن أتصفح الكتاب على عجل لأستطلع إن كنت سأستطيع أن أنهيه فعلاً ، إثر ذلك سقطت علامة من داخل الكتاب على الطاولة ، يبدوا أن ناغاتو كانت تستعملها لتحديد الصفحة اللتي توقفت عندها.

كانت علامة غريبة ، مزخرفة بأشكال الورود . و عندما قلبت هذه العلامة لاحظت على خلفها التالي:

"الليلة الساعة السابعة ، في الحديقة بجانب محطة كيوين . سوف انتظرك هناك."

كان الخط من النظافة بمكان أنك تحسبه مكتوباً بواسطة برنامج خاص لذلك . هذه التعابير الخالية من اللون لابد أن تكون لناغاتو ، لكن لدي شكوكي.

هذا الكتاب كان أعارتني إياه ناغاتو أمس ، إذاً هل المقصود "بالساعة السابعة" السابعة مساء أمس أم اليوم؟ هل من المعقول أنها ظنت أنني سأجد هذه العلامة في النهاية و سوف تنتظرني كل يوم في السابعة؟ ربما كان هذا السبب اللذي جعلها تصر على أن أقرأ هذه الرواية اليوم ؟ لكي أجد هذه العلامة ؟ و لكن حتى ولو كان ذلك صحيحاً ، لمَ لمْ تخبرني ذلك بنفسها؟ أضف إلى ذلك أنه ليس لدي أدنى فكرة عن السبب اللذي يجعلها تريد مقابلتي هناك.


نظرت إلى ساعتي، كانت تشير إلى السابعة إلا ربعاً. و بالرغم من كون المحطة المحددة تبعد فقط محطة واحدة عن تلك القريبة من منزلي ، إلا أن الأمر سيتطلب مني 20 دقيقة للوصول إلى الحديقة .

فكرت في الأمر ما يقارب العشر ثوان.

أدخلت علامة الكتاب في جيب سروالي قبل أن أركض مثل أرنب رشيق على الدرج . كانت أختي تقف بجانب باب المنزل حاملة كوزاً من البوظة في يدها و سألت : " كيون- كون إلى أين أنت ذاهب؟" . فكان الجواب : " إلى المحطة . " ، قفزت بعد ذلك على دراجتي الموقوفة قريباً من المدخل و هرعت إلى المكان المذكور.

سأكون في موقف ساخر للغاية إن لم تكن ناغاتو هناك..


لكن يبدوا أني لن أحصل على حصتي من السخرية اليوم.

كوني سائق دراجة حذراً ، فقد تطلب مني الأمر حتى السابعة و عشر دقائق للوصول إلى الحديقة . هذه الحديقة بعيدة بعض الشئ عن الشارع العام ، و لذلك فإنه لا يوجد الكثير من الناس في هذه الساعة .

أوقفت دراجتي على وقع ضجيج السيارات و القطارات ثم دخلت إلى الحديقة . هناك استطعت تمييز هيئة ناغاتو المبهمة تحت أضواء الحديقة و هي تجلس على مقعد طويل.


هي فعلاً من النوعية اللتي لا يسهل على المرء ملاحظة وجودها من غيابها . كانت تجلس بهدوء تام ، أكاد أقسم أنه لو رآها أحد لا يعرفها لظن أنها شبح يسكن الحديقة!

وقفت ناغاتو مثل دمية من على المقعد . كانت لاتزال تلبس ردائها المدرسي.

"هل أنت سعيدة أني أتيت أخيراً؟"

هزت رأسها بالإيجاب.

" هل انتظرت هنا بالأمس ايضاً؟"

كان الرد مماثلاً.

" هل هو موضوع لا تستطيعين طرحه في المدرسة ؟"

هزت ناغاتو رأسها مرة أخرى ثم مشت في اتجاهي.

" من هنا."

بعد أن قالت هاتين الكلمتين ، استدارت ناغاتو وبدأت في المشي إلى الأمام . كانت طريقتها في المشي أشبه بالنينجا ، لا تسمع لخطواتها صوتاً . لم استطع أن الحقها بسهولة حيث كانت خطواتها و هيئتها تمتزجان بالليل المخيم.

بعد بضع دقائق من المشي و النظر إلى شعرها المتحرك مع الريح وصلنا إلى عمارة قريبة بعض الشئ من المحطة .

" لقد وصلنا."


أخرجت ناغاتو بطاقتها الألكترونية و ضغطتها على الكاشف بجانب المدخل .انفتح الباب الزجاجي أمامنا إثر ذلك . أوقفت دراجتي بعد ذلك على المدخل و مشيت إلى ناغاتو اللتي كانت قد وصلت إلى المصعد. بينما كنا واقفين في المصعد خيل لي أن ناغاتو كانت مستغرقة في التفكير ، إلا أنها بغض النظر بقت تحدق في لوحة الأزرار و لم تقل شيئاً. وصلنا في النهاية إلى الطابق السابع من المبنى.

" عذراً ، إلى أين نحن ذاهبون بالضبط؟"

كان لابد أن اسأل ذلك قبل الآن . أجابتني ناغاتو وهي تمشي خلال الرواق:

" إلى الشقة اللتي أسكن فيها."

تجمدت في مكاني . لحظة ، لماذا أخذتني ناغاتو إلى شقتها؟

"لا داعي للقلق ، ليس هناك أحد فيها ."

ماللذي تقوله هذه الفتاة؟!

" من هنا"

هل أنت جادة..؟

حاولت أن أظل هادئاً و دخلت بتردد إلى الشقة ، و بينما كنت أخلع حذائي ، أغلقت ناغاتو الباب.

شعرت كأني حللت ضيفاً في سفينة قراصنة ، و استدرت على وقع ينذر بالشؤم. كان ذلك صوت الباب وهو يقفل.

" فلتدخل إلى الداخل."

قالت ناغاتو ذلك ببرود تام و خلعت حذاءها هي الأخرى . كان الشقة على غير المتوقع مضيئة تماماً . لو كانت مظلمة لاستطعت أن أهرب على الفور ، تباً! الإضائة جعلت الشقة الكبيرة أصلا تبدوا أكبر . كان بها ثلاث غرف ، صالة ، و غرفة طعام بها مطبخ . كان من الواضح أنها شقة فخمة ، كونها متموضعة بجانب المحطة لم يقلل من سعرها ايضاً.


و لكن لمَ يبدوا المكان و كأنه لا أحد يعيش هنا؟

في هذه الصالة الكبيرة لم يكن هناك سوى الطاولة و الغطاء اللذي عليها ، لم يكن هناك حتى ستائر على النوافذ ولا سجادة على الأرضية اللتي كانت بحجم عشرة[1] تاتامي.

" أجلس هنا ." قالت ناغاتو ، قبل أن تدخل إلى المطبخ . أذعنت لها و جثوت لأجلس .

و بينما كان رأسي مصدّعاً بالتفكير في السبب اللذي قد يدفع فتاة في الثانوية أن تأتي بصبي بينما والداها غائبان ، عادت ناغاتو إلى الصالة حاملة صينية بها إبريق للشاي و أكواب بطريقة روبوتية ، ووضعتهم أمامي.


صمت مشوب بالتوتر خيم على المكان.

بدلاً من أن تعرض علي الشاي ، قامت ناغاتو في التحديق في بوجهها الخالي من التعابير . كنت متوتراً أصلا من الوضع كله و زاد ذلك الطين بلة.

"احم.... لا أرى والديك ، هل هما هنا؟"

" لا أحد هنا غيرنا ."

"معك حق ذلك واضح... اذاً هل ذهبا إلى مكان ما ؟"

" لم يكن هناك معي أحد منذ أن أتيت هنا ."

هذه أطول جملة خرجت من فمها حتى الآن.

" أنت تعيشين لوحدك هنا؟"

"نعم."

واو، فتاة في أول سنة في الثانوية تعيش وحدها في شقة فخمة ، هل تظن أنه أمر عادي؟ و بالرغم من ذلك ، أحسست بالأرتياح لأني لن أقابل أبويها . لحظة،هذا ليس الوقت للشعور بالراحة إطلاقاً!

" بالمناسبة ، لماذا اردتي لقاءي بالضبط؟"

أحسست كأني زرافة في حديقة وهي تحدق في .

كأنها تذكرت المسألة للتو ، قامت ناغاتو بصب الشاي في أحد الكؤوس و دفعته تجاهي.

"اشرب."

بدأت في الشرب مجبراً تحت نظرات ناغاتو الفاحصة . أحسست كأني زرافة في حديقة و لم أستطع فعلاً أن أركز في الشرب.

" هل أعجبك؟"

"هل أعجبني؟"

كانت هذه أول مرة توجه إلى هذه الفتاة سؤالاً.

" نعم..."

بعد أن انتهيت وضعت الكأس على الطاولة و قامت ناغاتو مباشرة بإعادة ملأه كاملاً . لم أرد أن ارفضها فشربت الكأس مرة أخرى . أتى بعده للأسف كأس آخر و اللذي اضطررت أن اشربه ايضاً. في النهاية لم يبق شئ في الإبريق . قامت ناغاتو من مكانها لتعدّه مرة أخرى و قمت بإيقافها مباشرة .

" لست بحاجة أن تحضري إبريقاً آخر ، شكراً... هل تستطيعين إخباري بدلاً من ذلك عن السبب اللذي جعلك تحضريني معك هنا؟"


توقفت ناغاتو في مكانها ، ثم تراجعت كأنها في فيلم يعاد إلى الوراء. ولازالت صامتة تماماً.

أخيرا تحركت شفتا ناغاتو الرقيقتان.

" الأمر يتعلق بسوزوميا هاروهي."

جلست ناغاتو برقي مرة أخرى.

" و أيضاً بي أنا كذلك."

توقفت عن ناغاتو عن الكلام لفترة.

لكني للأسف لا أفهم هذه الشفرات اللتي تتكلمين بها..

" ماهو الأمر المتعلق بك و بسوزوميا ؟"

في تلك اللحظة بدى على ناغاتو بعض الأنزعاج . كانت تلك أول مرة يتبادر إلى وجه هذه الفتاة تعبير كهذا منذ أن قابلتها أول مرة. لكن هذا التغيير كان خفيفاً جداً ، لا يمكن للمرء أن يستشعره من الأساس إن لم يدقق جيداً.

" لا أستطيع أن أصف الأمر كلامياً بدقة ، و قد تحصل بعض الأخطاء في نقل المعلومات ، و لكن أرجو منك أن تستمع إلي ."

" أنا و سوزوميا هاروهي لسنا بشراً عاديين."


عبارة متعددة الوجوه عند إشارة الإنطلاق مباشرة.

" ماذا أقول؟ لقد لاحظت ذلك بدرجة أو بأخرى منذ البداية.."

" لم أقصد ذلك."

أكملت ناغاتو و هي ترسل نظرة إلى يديها الواقعتين فوق حضنها.

" لم أقصد ذلك في سياق التصرفات الخارجة عن العادة بل قصدته حرفياً. أنا و هي لسنا بشراً عاديين مثلك ."


لست أفهم ماللذي تريد أن تقوله .

" كيان المعلومات المتكاملة الواعي اللذي يشرف على المجرة قام بولادة كائن على نموذج الأنسان ليندمج مع الوحدات البيولوجية في هذا الكوكب . ذلك الكائن هو أنا ."

"..."

" مهمتي هي مراقبة سوزوميا هاروهي و إرسال المعلومات حولها إلى كيان المعلومات المتكاملة الواعي ."

"..."

" أنا أقوم بهذه المهمة منذ أن ولدت قبل ثلاث سنين . في خلال تلك الثلاث سنين لم يتم ملاحظة أي أمور خارجة عن العادة ، و كانت فترة مستقرة بالعموم . و لكن و منذ مدة قريبة ، ظهر عامل خارجي مؤثر على سوزوميا هاروهي وهو عامل لا يمكن تجاهله."

"..."

" هذا العامل هو أنت."

ماهو كيان المعلومات المتكاملة الواعي هذا؟

في بحيرة مقفرة تسمى الكون كان هناك كيانات معلوماتية ذات تحمل وعياً و لكن بلا جسم فيزيائي.

كانت بداية هذه الكيانات كمعلومات صرفة لا غير. و ثم بدأت هذه الكيانات في زيادة معلوماتها و تطور لديها في النهاية وعي و تطورت في النهاية أكثر بالجمع المستمر للمعلومات.

ولأن وجودها يقتصر على المعلومات فقط و ليس لديها أجسام ، فلم يكن هناك امكانية لرصدها أو التعرف عليها حتى بأحدث الأجهزة البصرية.

كون أعمارها بعمر المجرة ذاتها ، فإنها كانت تتوسع بتوسعه . كان بنك معلوماتها النسبي يزداد في الحجم و الدقة بالتدريج.

منذ نشأة هذه الكوكب ، عفواً بل منذ نشأة هذه المجرة لم يكن هناك ما يخفى في الكون عليهم . بالنسبة لهم فإن هذا الكوكب الدائر في مجرة درب التبانة ليس بالشئ الجديد ، فقد وعت هذه الكائنات العديد من الكواكب الحاملة للحياة الذكية ، بل إنها كثيرة لدرجة أنها تعصى على العد.

و لكن و منذ نجاح عملية تطور الكائنات ذات القدمين ، فقد حصلت بعض الكائنات فيه على قدرات العقلية تمكنها من البحث الواعي و المستمر عن المعرفة ، و كنتيجة فإن أهمية هذه الكائنات العضوية في هذا الكوكب بدأت في الإزدياد.

"كنا نعتقد و لفترة طويلة ، أن الكائنات الحياة ذات القدرات المحدودة على جمع و توصيل المعلومات لا تستطيع أن تحصل على المعرفة من الأساس." قالت ناغاتو بنبرة جادة.

" كيان المعلومات المتكاملة الواعي لديه اهتمام شديد بكل الكائنات الحية العضوية على هذا الكوكب . هي تعتقد بأن الملاحظة المستمرة لهذه الكائنات من الممكن أن تقدم دليلاً على الكيفية اللتي يمكن لها أن تخرج من قيود تطورها."

على عكس الكيانات المعلوماتية اللتي بدأت في شكل كامل ، فإن البشر بدأو ككائنات عضوية ناقصة ، و اللتي تطورت بسرعة شديدة بحيث قاموا بتوسيع و استعمال دائرة معلوماتهم باستمرار لتطوير أنفسهم أكثر .

إن تطور الوعي بالنسبة للكائنات العضوية في مرحلة ما هو أمر طبيعي و لكن لا يوجد كائنات تطورت إلى مرحلة أرقى من الوعي سوى البشر . كيان المعلومات المتكاملة الواعي أعجب كثيراً بذلك ، و قرر أن يراقب هؤلاء البشر.


"قبل ثلاث سنين من الآن ، لاحظنا مصدراً ضخماً و غير عادي للمعلومات ، كان حجمه لا يقارن بالنسبة للبشر على هذا الكوكب . هذه الكميات من المعلومات خرجت من منطقة معينة في أرخبيل من الجزر ، انتشرت بعد ذلك حوالي الكوكب كله و ثم إلى الفضاء . و في المركز من كل هذا تقع سوزوميا هاروهي."

" لا نعلم كيف حصل ذلك أو الآثار اللتي ستترتب عليه . حتى كيان المعلومات المتكاملة الواعي لم يكن قادراً على تحليل أحدث المعلومات عنه تحليلاً كاملاً."

" الأهم من ذلك هو أن حدود القدرة البشرية تتوقف عند تحليل كميات معينة من المعلومات ، أما سوزوميا هاروهي فقد استطاعت أن تجعل من نفسها مركزاً تصدر منه المعلومات."

" سوزوميا هاروهي لازالت مستمرة في إطلاق كميات هائلة من المعلومات في تفاوت زمني عشوائي تماماً . علاوة على ذلك فإن سوزوميا هاروهي نفسها ليست واعية بهذا الأمر."

"طوال ثلاث سنوات حاولت أن أدرس و أراقب الشخصية المسماة سوزوميا هاروهي بكل الطرق المتصورة و المتوفرة في حوزتي ، ومن كل منظور أستطيع الرؤية منه ، و لم أستطع أن أحدد طبيعتها الفعلية .بالمقابل فإن بعض أجزاء كيان المعلومات المتكاملة الواعي ترى بأن هاروهي هي مفتاح حل لغز تطور الكيانات المعلوماتية و طبقاً لذلك بدأو في تحليلها.."

" و لأن هذه الكيانات ليس لديها أجسام ولا القدرة على الكلام فإنها لم تستطع التواصل و الإندماج مع الكائنات العضوية .و لكن بدون لغة فإن التواصل مع البشر مستحيل ، و لذلك فقد تمت ولادتي لكي أكون نقطة الوصل بين هذه الكيانات و البشر."

في النهاية رفعت ناغاتو كوبها و احتست قليلاً من الشاي ، لابد أنه بالنسبة لها تلك كانت مؤونة سنة كاملة من الكلمات .

"..."

و لكني لست أدري بم أجيب.

" قد تكون سوزوميا هاروهي هي المفتاح للتطور الناجم عن الذات ، بل قد تكون لديها القدرة أن تتحكم في جميع المعلومات حولها كيفما تشاء . لذلك أنا هنا ، و لذلك أنت هنا."

وصلت إلى درجة من الأرتباك دفعتني مضطراً أن اقاطعها:

" بصراحة.... لست أفهم كلمة واحدة مما تقولينه."

" صدقني."

كانت نظرات ناغاتو صادرة إلي من وجه جاد بدرجة لم أرها من قبل.


" كمية المعلومات اللتي يمكن أن تنقل من خلال اللغة صغيرة جداً .أنا مجرد واجهة وسيطة للمعلومات على شكل كائن فضائي عضوي مهمته الأندماج مع البشر. ليس لدي القدرة أن أوصل إليك جميع أفكار كيان المعلومات المتكاملة الواعي ، أرجو أن تتفهم ذلك."

بغض النظر عن ذلك ، لازلت لا أفهم!!

" لست أفهم لم أتيت إلي . فلنقل أني أصدقكي ، وأنكي فعلاً كائن فضائي ولده كيان المعلومات الخ هذا ، لماذا تقولين لي كل هذا؟"

" لأنك تم اختيارك من قبل سوزوميا هاروهي. ليس مهما إن كان عن عمد أم لا فهي تستطيع ككيان معلوماتي مطلق أن تغير لوحدها البيئة حولها باستعمال أفكارها فقط. لابد أن هناك سبب لاختيارك."

" هذا هراء ، ليس هناك من سبب!"

" بل يوجد. قد يكون الدور اللذي تلعبه بالنسبة لسوزوميا هاروهي ذا أهمية كبرى و حاسمة . جميع الاحتمالات الانهائية تقع بين يديك أنت و سوزوميا هاروهي."

" هل تظنين ذلك فعلاً؟؟"

" نعم."

تفحصت وجه ناغاتو يوكي بدقة لأول مرة . كنت أظن دائماً أنها تكره الكلام مع الآخرين ، و لكن الآن بعد أن فتحت أبواب حنجرتها و تركت الكلمات تخرج بحرية ، كان كل ما يخرج تعابير لا أفهمها. أحسست دائماً أنها فتاة غريبة بعض الشئ ، لكن بعد أن سمعت هذه الخطبة العصماء ، تأكدت بأن غرابتها تتفوق بمراحل بعيدة عن ما كنت أتخيله.


كيان المعلومات المتكاملة الواعي؟ كائن بيلوجي على هيئة بشرية؟

فلتقصّري هذا الهراء قليلاً!

"لا بأس، أنا أظن أنه من الأجدر لك أن تخبري هاروهي ذاتها بذلك ، مباشرة. أراهن أن السعادة ستجعلها تنسى نفسها إن سمعت بكل هذا . لأكون صادقاً لا أجد هذه المواضيع مثيرة للأهتمام ، إعذريني."

" الأغلبية في كيان المعلومات المتكاملة الواعي تتوقع حدوث كارثة غير مسبوقة في حالة وعي سوزوميا هاروهي بقواها ووجودها ، لذلك فقد قررنا مراقبتها فقط للوقت الراهن."

" ألم تفكروا في احتمالية أن أخبر هاروهي بكل هذا؟! أنا لست أفهم بالمرة لم تخبريني بكل هذا ."

" حتى ولو اخبرتها بذلك ، فإنه من المرجح جداً أن تتجاهل ما قلته."

ذلك فعلاً مرجح.

" أنا لست الكائن الفضائي الوحيد اللذي أرسله كيان المعلومات المتكاملة الواعي إلى الأرض . هدف الكيان هو أخذ المبادرة بملاحظة التغيرات في مجرى المعلومات . أنت شخص مهم بالنسبة لسوزوميا هاروهي . في حالة وصول معلومات عن أزمة محتملة ستكون أول من يعلم ."

آسف ولكن فلتفعلوا كل ذلك بدوني.

إعذريني ، و شكراً على الشاي ، كان منعشاً.

رأت ناغاتو أني أسعتد للذهاب و لم توقفني بالرغم من ذلك.

أغرقت فقط نظراتها قليلا في كأس الشاي ثم واجهتني مرة أخرى بوجهها المعتاد الخالي من التعابير.

كان أمراً في الأغلب من صنع خيالي ، إلا أنها بدت وحيدة لي في تلك اللحظة.


عندمل سألتني أمي أين كنت ، أجبتها باقتضاب ثم صعدت مباشرة إلى غرفتي. بدأت في استعادة كل ما أخبرتني به ناغاتو و أنا مستلقٍ في فراشي.

إن صدقت كلامها ، فسوف يعني ذلك أن ناغاتو يوكي كائن من خارج هذا العالم ، بكلمات أخرى : كائن فضائي.

أليست تلك بالضبط نوعية الأمور الغامضة اللتي تشقى سوزوميا هاروهي كل يوم في البحث عنها؟


و طوال الوقت كانت تحت أنفنا.


....اللعنة ، أحس فعلاً بالحُمق!


توجهت عيناي إلى الرواية الدسمة في زاوية السرير ، حملت الكتاب قليلاً و نظرت إلى الغلاف بضع لحظات ثم وضعته بجانب وسادتي.

لابد أن ناغاتو أخذت كل هذه التصورات من روايات الخيال العلمي اللتي تملأ وقتها و هي تقرأها لوحدها في تلك الشقة. أتوقع أنها لا تكلم زملائها في الصف و تجول بسبب ذلك في أفكارها كثيراً. لابد لها أن تضع الكتب جانبا و أن تخرج و تتخذ لها أصدقاءً تستطيع أن تستمع معهم بالحياة المدرسية . نقص المشاعر لديها لا يساعد كثيراً في تحسين الوضع مع الآخرين . لو أنها فقط تبتسم قليلاً لكان محياها أجمل بكثير.

أظن أني سأعيد لناغاتو الكتاب غداً... أو ربما لا، مادمت قد استعرته ليس هناك مانع أن انهيه.


في اليوم التالي بعد المدرسة.


كنت مكلفاً اليوم بالعناية الدورية بالصف مما جعلني أذهب إلى النادي متأخراً عن العادة ، و كان أول ما رأيته هاروهي و هي تتلاعب بأساهينا- سان. " فلتقفي مكانك! كوني فتاة شجاعة ولا تقاومي!"

" لااااااااا ! النجدة!!!"

كانت هاروهي تقتنص ثياب اساهينا- سان المرتبكة.

" كياااا!!"

صرخت اساهينا- سان عندما لاحظت قدومي.

"آسف!"

قلت و أغلقت الباب ورائي مباشرة.


بعد أن انتظرت ما يقارب العشر دقائق في الخارج انتهت ملحمة عدوان هاروهي و مقاومة اساهينا- سان ، على إثر ذلك نادتني هاروهي قائلة: " لقد انتهينا ، يمكنك الدخول الآن!"

عندما دخلت إلى الغرفة مرة أخرى اضطررت للوقوف في ذهول .

كان أول ما وقعت عليه عيناي هو منظر فتاة جميلة في زي خادمة.

متنكرة في زي خادمة من القرن الماضي ، كانت اساهينا- سان جالسة على الكرسي القابل للطي في وسط الغرفة وهي تكفكف دموعها .


للأسف فقد استمرت اللعبة بين اساهينا- سان و هاروهي عدة مرات حيث قامت حتى بسرقة نظارات ناغاتو للتجربة إلى أن اوقفتها قائلاً :

" هذا يكفي! فلتوقفي هذه المسرحية فوراً!"


" و مالمشكلة؟ لماذا لا تساعدني أنت أيضاً!"

هي في الحقيقة ليست فكرة سيئة ، إلا أنني آثرت الصمت بالطبع عندما رأيت ابيضاض وجه اساهينا- سان عند سماع هذا الأقتراح.

" اوه؟ و ماللذي يحصل هنا ؟"

استدرت لأرى كويزومي اتسكي واقفاً عند الباب.

نظر أولاً باهتمام إلى هاروهي اللتي كانت تمد يدها إلى ثديي اساهينا- سان ، ثم إلي أثناء محاولاتي لإيقافها ، ثم إلى اساهينا- سان اللتي كانت تقاوم يميناً و شمالاً في زي الخادمة ذاك و أخيراً إلى ناغاتو اللتي بدى عليها الرضا التام بدون نظارة و هي تقرأ كتابها.

" هل هذا نشاط من أحد الأنواع في النادي ؟"

" كويزمي- كون! لقد جئت في الوقت المناسب! فلنلعب مع اساهينا معاً!"

قام كويزومي فقط بالابتسام. إن كنت فعلاً توافقها في الرأي فلديك بلا شك مشاكل..

كويزومي:هل هذا نشاط من أحد الأنواع في النادي؟ .

" شكراً ، و لكن لا شكراً ، الأمر يبدوا مخيفاً بالنسبة لي."

أخذ كويزومي أحد الكراسي البلاستيكية المسندة على الجدار و فتحه.

" هل يزعجكم لو جلست هنا و راقبت؟"

جلس على الكرسي واضعاً رجلاً على رجل كأنه يتابع أحد العروض.

" لا تهتموا لوجودي أرجوكم ، أكملوا."

لا!! لقد فهمت خطأً! أنا لست أحاول التحرش باساهينا- سان بل إنقاذها!


استطعت أخيراً الحيلولة بين هاروهي و اساهينا- سان ، و أمسكت اساهينا- سان اللتي كادت تسقط مباشرة إثر ذلك . كان خفة وزنها اللتي لاحظتها عندما اجلستها على الكرسي مفاجئة كبيرة . كان رداء اساهينا- سان يبدوا فوضوياً تماماً بعد هذه المعركة ، و كان التعب الشديد بادياً عليها أيضاً ، لكني و بصراحة أحسستها مثيرة في تلك اللحظة.


" لا بأس ، أخذت الكثير من الصور على أية حال."

قالت هاروهي ثم أخذت نظارات ناغاتو من اساهينا- سان المنهكة و ألبستها إياها مرة أخرى. قامت ناغاتو بتعديل النظارة بدون أن تنبس بكلمة . كانت تتصرف كأن المحادثة اللتي حصلت بيننا بالأمس لم تقع من الأساس. كانت تخدعني بالتأكيد أليس كذلك؟


" ممتاز! و الآن فلنبدأ اجتماع لواء س أو س الأول !"

صرخت هاروهي و هي تقف على كرسي القيادة فجأة . أيمكنك ألا تفاجئي الناس هكذا؟

"لقد قمنا بالكثير من العمل لنصل إلى ما نحن عليه . وزعنا الكثير من المناشير و بنينا موقعاً ، شهرتنا وصلت إلى النجوم في السماء! و لذلك فإني أعلن أن مرحلة العمل تكللت بنجاح تام!"

كيف تستطيعين تسمية الصدمات النفسية اللتي كلفتيها اساهينا-سان بالنجاح التام؟!

" و لكن للأسف ، فإنه لم تصل رسالة واحدة لبريدنا الألكتروني تتعلق بالحوادث الخارقة ، و لم يأت أحد ليشاركنا التجارب اللتي خاضها."

كيف تتوقعين أن يصلنا شئ و لا يوجد أحد في المدرسة يفهم ماللذي نفعله بالضبط؟! هذا إذا استثنينا أن المدرسة لا تعترف بنا كنادٍ أصلاً.

" يقال كثيراً في الأمثال أن الصبر هو فضيلة كبرى ، و لكن الزمن الآن تغير! حتى ولو قلبنا الأرض بأكملها سنجدهم بأنفسنا! فلنبدأ جميعاً في البحث!"

"... و ماللذي نبحث عنه بالضبط؟

بما أنه لم يتطوع أحد ليسأل فقد قررت أن أسأل بنفسي.

" نريد أن نكشف الظواهر الخارقة في هذا العالم! إن عملنا بجد حقاً فلابد أن نجد شيئاً أو اثنين في هذه المدينة!"

طريقة تفكيرك هو أول ظاهرة يجب عليك البحث فيها يا فتاة!

أظهرت مقاومتي للأقتراح بينما ابتسم كويزومي بغموض .ظل وجه ناغاتو جامداً كالصخر أما اساهينا- سان فقد بدى عليها التسليم للأقدار ، و منعها التعب من أن ترد على أية حال. هاروهي تجاهلت ردود الفعل كلها و لوحت بيديها في الهواء قائلة:

" يوم الأحد ، أي غداً! سنتقابل جميعاً أمام المحطة الشمالية الساعة التاسعة صباحاً ! لا تتأخرواً ! من لا يحضر سيتم إعدامه بطريقة بشعة!"

يا إلهي... ليس الإعدام مرة أخرى...


أما عن من ماذا تنوي هاروهي فعله بصور اساهينا- سان في ذلك الزي؟ لابد أن الكثير منكم قد توقع النتيجة الطبيعية . تلك الغبية أرادت أن تنشرها في الموقع لتجذب الزوار كي "يخبرونا بتجاربهم مع الخوارق".

و لكني عندما انتبهت إلى الأمر كانت هاروهي قد انتهت من تحميل الصور على الموقع ، بل قامت بنشر معلومات اساهينا- سان الشخصية في نفس الوقت.

هل أنت واعية بما تقومين به ؟ هذا كافٍ و أكثر لكي يحس الناس بالخطر منك!

حاولت بكل طاقتي أن أوقف غباء هاروهي و حذف الصور من الموقع . لو علمت اساهينا- سان ماللذي حصل بصورها تلك لكان أغمي عليها من الصدمة.

بسرعة في شرح مخاطر نشر المعلومات الشخصية على الأنترنت ، المفاجئ بل الصادم في الأمر ، كان أنها استمعت إلي جيداً . و قالت في النهاية كأنها تحاول أن تقاوم قليلاً:

" أعلم هذا بدون أن تقوله!"

أذنت لي بعد ذلك على مضض أن أحذف الصور من على الموقع ، كان من الأجدر بي أن أحذفها فعلاً حينها و لكن كنت لأندم لو فعلت ذلك . و لذلك فقد وضعتها في ملفسري على الحاسوب و أغلقته بكلمة سر.


ليس لأحد أن يرى هذه الصور سواي!


































الفصل الثاني الصفحة الرئيسية